حقوق المرأة العاملة في نظام العمل السعودي
مقدمة
حقوق المرأة العاملة : تسعى المملكة العربية السعودية في إطار رؤية 2030 إلى تعزيز مكانة المرأة في سوق العمل وضمان حصولها على حقوقها النظامية كاملة. وقد أولى نظام العمل السعودي اهتماماً كبيراً بحقوق المرأة العاملة، فحدد لها الضمانات التي تكفل بيئة عمل مناسبة، وأقر أحكاماً خاصة تراعي طبيعتها وظروفها الأسرية والصحية، مع منع أي تمييز أو استغلال قد تتعرض له.
في هذا المقال سنتناول أبرز حقوق المرأة العاملة في نظام العمل السعودي، مع توضيح التزامات صاحب العمل تجاهها، والحماية النظامية الممنوحة لها.
أولاً: المساواة وعدم التمييز
أكد نظام العمل على مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات داخل بيئة العمل. فلا يجوز التمييز بينهما في الأجور أو التوظيف أو فرص التدريب والترقيات متى كانت المرأة تؤدي نفس العمل وبالشروط ذاتها.
هذا المبدأ يعزز العدالة ويكفل للمرأة فرصاً متكافئة في مختلف القطاعات.
ثانياً: الحق في الأجر العادل
تستحق المرأة العاملة أجراً مساوياً لأجر الرجل إذا كانت تقوم بالعمل نفسه. ونصت اللوائح على أن الأجر يجب أن يُصرف بانتظام شهرياً عبر القنوات البنكية المعتمدة، مع التزام صاحب العمل بكشف الرواتب الذي يوضح تفاصيل الأجر والبدلات.
ثالثاً: ساعات العمل وفترات الراحة
لضمان التوازن بين متطلبات العمل وظروف المرأة، نص النظام على ما يلي:
- لا يجوز تشغيل المرأة في الأعمال الخطرة أو الضارة بصحتها.
- يجب منحها فترات راحة كافية خلال ساعات العمل.
- لا تُكلف بالعمل الإضافي أو الليلي إلا بموافقتها الصريحة، وبما لا يؤثر على وضعها الأسري أو الصحي.
رابعاً: إجازة الوضع (الولادة)
من أبرز حقوق المرأة العاملة: إجازة الوضع، والتي نظمها النظام على النحو التالي:
- تستحق المرأة إجازة مدتها 10 أسابيع مدفوعة الأجر (توزع قبل وبعد الولادة).
- يجوز لها توزيع هذه المدة وفق رغبتها، على ألا تقل فترة ما بعد الوضع عن 6 أسابيع.
- يُصرف لها كامل الأجر إذا كانت قد أمضت سنة في خدمة صاحب العمل، ونصف الأجر إذا كانت خدمتها أقل.
- يُحظر فصل المرأة أثناء إجازة الوضع أو بسبب الحمل.
خامساً: إجازة رعاية الطفل
بعد انتهاء إجازة الوضع، يحق للمرأة العاملة الحصول على إجازة غير مدفوعة لرعاية طفلها لمدة لا تتجاوز 180 يوماً خلال كامل مدة خدمتها، مما يوفر لها مرونة أكبر للتوفيق بين عملها وحياتها الأسرية.
سادساً: حق الرضاعة
ألزم النظام صاحب العمل بمنح المرأة العاملة ساعة رضاعة يومياً مدفوعة الأجر خلال الأشهر الأربعة والعشرين الأولى بعد الولادة. ويُضاف هذا الحق إلى فترات الراحة المقررة قانوناً، ولا يجوز لصاحب العمل انتقاصه.
سابعاً: الحماية من الفصل التعسفي
نص النظام على أنه لا يجوز لصاحب العمل فصل المرأة أو إنهاء عقدها أثناء الحمل أو أثناء تمتعها بإجازة الوضع أو إجازة مرضية ناتجة عن الحمل أو الولادة، وذلك لمدة تصل إلى 180 يوماً. ويُعتبر الفصل في هذه الحالات باطلاً ويحق للمرأة المطالبة بالتعويض.
ثامناً: بيئة عمل مناسبة
ألزم النظام أصحاب العمل بتهيئة بيئة عمل تراعي خصوصية المرأة العاملة، بما في ذلك:
- توفير أماكن آمنة ومناسبة للعمل.
- منع أي شكل من أشكال التحرش أو التمييز.
- الالتزام ببرامج السلامة والصحة المهنية لحماية المرأة من المخاطر.
تاسعاً: حق التدريب والتأهيل
تستحق المرأة العاملة فرصاً متكافئة في التدريب والتأهيل، بما يتيح لها تطوير مهاراتها والترقي في السلم الوظيفي. وهذا الحق يضمن تعزيز مشاركتها الفاعلة في سوق العمل وتوسيع دورها في مختلف المجالات.
عاشراً: حماية المرأة من التحرش في العمل
صدر نظام مكافحة التحرش في المملكة ليكفل للمرأة بيئة عمل آمنة، ويعاقب كل من يرتكب جريمة التحرش بعقوبات تصل إلى السجن والغرامة. ويلتزم صاحب العمل بوضع سياسات واضحة لمنع التحرش، وإيجاد قنوات سرية لتقديم الشكاوى.
الحماية القانونية والقضائية
في حال تعرضت المرأة لأي انتهاك لحقوقها العمالية، يمكنها التوجه إلى:
- وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لتقديم شكوى.
- المحكمة العمالية عبر منصة ناجز لرفع دعوى نظامية.
وتضمن هذه القنوات حماية فعالة وسريعة لحقوقها.
أتعاب محامي
أهمية تمكين المرأة العاملة
تمثل حماية حقوق المرأة العاملة خطوة استراتيجية نحو تعزيز مشاركتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. فهي لا تحمي المرأة فحسب، بل تسهم في رفع مستوى إنتاجية الشركات وتطوير بيئة عمل أكثر استقراراً وعدالة.
خاتمة
حقوق المرأة العاملة في نظام العمل السعودي ليست مجرد أحكام قانونية، بل هي ضمانات إنسانية واجتماعية تهدف إلى تحقيق العدالة، وتعزيز مشاركتها في سوق العمل بما يتناسب مع إمكاناتها.
من واجب كل صاحب عمل الالتزام بتلك الحقوق وتوفير بيئة عمل عادلة، ومن واجب كل امرأة عاملة معرفة حقوقها والمطالبة بها عند الحاجة.